العلاقات السعودية مع دول مجلس التعاون الخليجي "الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية نموذجاً"

نوع المستند : البحوث والدِّراسات.

المؤلف

جامعة الزقازيق

المستخلص

    يشهد العالم في عصرنا الحالي الكثيرمن التطورات على جميع الأصعدة سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي أو على الصعيد الاقتصادي والتكنولوجي والمجتمعي والعسكري وغيرها من المجالات التي تتنافس فيها الأنظمة والدول وتحاول جميع النظم السياسية في العالم أن تواكب هذا التطور في شتى المجالات على اختلافها مستعينة في ذلك بأحدث وسائل العصر المتوفرة والتي تعد خلاصة وعصارة ما توصل اليه العقل البشري في مختلف العلوم والفنون وهذا نابعا من إرادة النظم السياسية والشعوب في الوصول إلى ما يحقق لها التنمية المستدامة والرفاهية والتي تسلك لها الأنظمة السياسية كل طريق وتطرق لها كل باب في بحث دائم ودؤوب عما يحقق رفاهية الشعوب والمجتمعات التي تحكمها تلك الأنظمة على اختلافها وفي سبيل ذلك اتجهت بعض الأنظمة والحكومات إلى المشاركة فيما بينها محاولة الوصول إلى أقصى قدر من التعاون بما يحقق المصلحة المشتركة وقامت في سبيل ذلك باتخاذ خطوات حثيثة أثمرت عنها اتفاقيات دولية وإقليمية في شتى المجالات وقد تم التركيز في هذا البحث على إحدى تلك الاتفاقيات وهي الاتفاقية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي التي تم الاتفاق عليها انطلاقا من رغبة الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي والأهداف الواردة في النظام الأساسي للمجلس إلزامية إلى تنمية علاقات التعاون القائمة بينها في مختلف المجالات وتحقيقا لأهداف الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2001م التي تسعى من خلالها الدول الأعضاء إلى تحقيق مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي من خلال المشاركة والموائمة في وضع تشريعات وأسس قانونية متماثلة في المجالات الاقتصادية والمالية رغبة من الدول الأعضاء في تعزيز اقتصادها وتعزيز الخطوات التي تم اتخاذها لإقامة الوحدة الاقتصادية فيما بينها والتي ترجمت إلى قرار المجلس الأعلى في دورته السادسة والثلاثين التي أقيمت بالرياض بتاريخ 09،10/12/2015م المتضمن تفويض لجنة التعاون المالي والاقتصادي باستكمال جميع المتطلبات اللازمة لإقرارالاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون الخليجي والتوقيع عليها وهذا ما سوف تناوله في هذا البحث بدراسة بنود الاتفاقية وكذلك الأنظمة والتشريعات التي وضعتها المملكة العربية السعودية المتمثلة في نظام ضريبة السلع الانتقائية ولائحته التنفيذية والأسس التشريعية التي بني عليها والتي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر( المبادئ القضائية المستخلصة من قرارات اللجان الزكوية والضريبية ، قرارات مجلس الوزراء ذات الصلة بالأنظمة الزكوية والضريبية،المعاييرالمحاسبية الدولية والوطنية،أراء الفقه القانوني والمحاسبي ، التعاميم والقرارات والأدلة الاسترشادية الصادرة من الهيئة العامة للزكاة والدخل) في المملكة العربية السعودية التي تطبق في أحكامها الشريعة الإسلامية حيث نصت المادة (7) من النظام الأساسي للحكم (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمتان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة) وبما أن جباية الزكاة والضرائب من المهام الرئيسية للدولة حيث تعد أحد مصادر الدخل الهامة والتي أولتها المملكة عناية كبيرة حيث أنها تعد أحد أهداف المملكة التي تصبوا لتحقيقها من خلال رؤية 2030 التي تهدف من خلالها المملكة إلى تنويع مصادر الدخل والسياسات التي تنتهجها في سبيل تحقيق ذلك وضريبة السلع الانتقائية (سلع الرفاهية) والتي تعتبرها المملكة سلع ترفيهية وليست سلع أساسية وهذا ما سوف يتم تناوله في الدراسة بشكل مفصل.
التعاون السياسي والاقتصادي بين المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي يعد أمرا حيويا ومهمًا للغاية في إطار العلاقات الإقليمية بين هذه الدول، تشكل دول مجلس التعاون الخليجي مجموعة من الدول العربية في منطقة الخليج العربي، وتتألف من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر وعمان والكويت،ويستند التعاون السياسي بين السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي إلى الروابط القوية التاريخية والثقافية والدينية التي تربط هذه الدول ببعضها البعض، يهدف التعاون السياسي إلى تعزيز الاستقرار السياسي والأمن في المنطقة، وتعزيز التعاون في مجالات مثل الدفاع والأمن والشؤون الخارجية.
من الناحية الاقتصادية تلعب السعودية دوراً رئيسيا في تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول المجلس،حيث تعتمد هذه الدول بشكل كبير على النفط والغاز كمصدر رئيسي للإيرادات، وتعمل على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والصناعة والتجارة والاستثمار،حيث تم إنشاء مجلس التعاون الخليجي في عام 1981 بهدف تعزيز التعاون والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بين دوله،تعقد الدول الأعضاء اجتماعات دورية لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك واتخاذ القرارات الهامة، كما تعمل الدول الأعضاء على تبادل الخبرات والمعرفة والتكنولوجيا من أجل تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.
وتعد مبادرة رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي وتنويعه بعيدًا عن الاعتماد الكامل على النفط، أحد المجالات الرئيسية التي تدعمها دول مجلس التعاون الخليجي، تتضمن هذه المبادرة تعزيز التعاون في مجالات الاستثمار والتكنولوجيا والسياحة والتعليم والصناعات البديلة،وفي السنوات الأخيرة، شهد التعاون السياسي والاقتصادي بين السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تطورات هامة، تم توقيع العديد من الاتفاقيات والمذكرات التفاهم لتعزيزالتعاون في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والنقل واللوجستيات، والتكنولوجيا، والتعليم، والثقافة، كما تم تنفيذ مشاريع مشتركة ذات أهمية استراتيجية، مثل مشروع قناة الملك سلمان ومشروعات التنمية الاقتصادية في المناطق الحدودية،وبهذا التعاون الوثيق، تتطلع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة، وتحويلها إلى مركز عالمي للأعمال والاستثمار والابتكار ،ومن المتوقع أن يستمر التعاون السياسي والاقتصادي بين هذه الدول في المستقبل، مما يعزز التكامل الإقليمي ويعود بالفائدة على جميع الأطراف المشاركة.
بالإضافة إلى التعاون السياسي والاقتصادي، تشمل علاقات السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي أيضًا تعاونًا في المجالات الأمنية والدفاعية، حيث تهدف هذه الجهود المشتركة إلى تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة التهديدات المشتركة، بما في ذلك التطرف والإرهاب والتدخلات الخارجية غير المرغوب فيها، ويتم تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ التدريبات العسكرية المشتركة، إلى جانب تعزيز التعاون في مجال الدفاع الجوي والبحري،علاوة على ذلك، يتم التركيز على تعزيز التعاون الاقتصادي بين السعودية ودول المجلس من خلال تطوير البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار،حيث تم إطلاق مشروعات ضخمة في البنية التحتية مثل الموانئ والمطارات والطرق السريعة والسكك الحديدية، مما يعزز ربط الدول بشكل أكبر وتيسير حركة البضائع والأفراد بينها.
حيث تعد قطاعات الطاقة والبتروكيماويات من أبرز المجالات التي يتم التركيز عليها في التعاون الاقتصادي بين السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي،حيث تعتبر السعودية والإمارات العربية المتحدة منتجين رئيسيين للنفط والغاز، وتعزز التعاون بينهما في مجالات مثل تطوير حقول النفط والغاز وتكنولوجيا الطاقة المتجددة والبتروكيماويات، ويتم تبادل الخبرات والمعرفة وتنفيذ المشاريع المشتركة في هذه القطاعات، مما يعود بالفائدة على الدول الأعضاء ويعزز دورها على الصعيد العالمي.
بالإضافة إلى التعاون الثنائي، تلعب السعودية دوراً هاماً في تعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي في المجموعة بأكملها، تتمثل أحد الأمثلة على ذلك في إطلاق قرار توحيد السياسات الجمركية لدول المجلس ابتداءً من عام 2015، بهدف تعزيز التجارة الحرة وتبسيط الإجراءات الجمركية بين الدول الأعضاء، ويعمل المجلس أيضًا على تعزيز التعاون في مجالات أخرى مثل التعليم والثقافة والسياحة والصحة، بهدف تعزيز التعلاقات الثقافية وتبادل المعرفة والتجارب بين الدول الأعضاء،حيث تهدف هذه الجهود المشتركة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي بين الدول الأعضاء وتعزيز دور المجلس ككيان إقليمي قوي، وتعتبر دولة السعودية، نظرا لحجم اقتصادها ودورها الإقليمي البارز، شريكا رئيسيا في هذه الجهود وتسعى إلى تعزيز استقرار المنطقة وتحقيق التنمية المستدامة.
وبالتالى اتفاقية الموحدة للضربية الانتقائية بين السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تمثل أداة هامة لتعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون المشترك بين الدول الأعضاء،حيث تهدف الاتفاقية إلى تحقيق توحيد السياسات الضريبية وتنسيق الجهود في مجال الضرائب الانتقائية بين الدول الأعضاء، وتشمل السعودية والبحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة، حيث تعتبر الاتفاقية مهمة لعدة أسباب منها توحيد السياسات الضريبية حيث يساهم التوحيد في تحقيق تنسيق أكبر في تطبيق الضرائب الانتقائية في المنطقة، يتم تحديد السلع والخدمات التي تخضع للضريبة ومعدلات الضريبة عليها بشكل موحد، مما يعزز الاستقرار والتنبؤية للشركات والمستثمرين في المنطقة، تعزيز التجارة الحرة من خلال تحقيق توحيد السياسات الضريبية، يتم تقليل العوائق التجارية وتشجيع حركة البضائع والخدمات بين الدول الأعضاء، يزيد ذلك من فرص الاستثمار ويعزز التجارة الحرة في المنطقة، مما يعود بالفائدة على الاقتصادات الوطنية ويعزز التنمية المستدامة،تعزيز المنافسة العادلة حيث يساهم التوحيد في إنشاء بيئة تنافسية عادلة بين الشركات في الدول الأعضاء، بوجود سياسات ضريبية موحدة، يتم تجنب التنافسية الناجمة عن اختلافات الضرائب، وبالتالي يتم تعزيز المنافسة العادلة وتحقيق توازن أفضل في السوق،جذب الاستثمارات حيث يعزز التوحيد الجاذبية الاقتصادية للمنطقة ويسهل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة،حيث عندما يكون هناك استقرار في السياسات الضريبية وتوحيد في المعايير، يشعر المستثمرون بالثقة والتيسير في اتخاذ قرارات الاستثمار، مما يعزز تدفق رؤوس الأموال إلى المنطقة،تعزيز التعاون الاقتصادي حيث يعمل التوحيد على تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء وتعزيز دور مجلس التعاون الخليجي ككيان اقتصادي إقليمي، ويمكن للتعاون الضريبي أن يؤدي إلى تبادل المعلومات والخبرات بين الدول الأعضاء، ويعزز التعاون في مجالات أخرى مثل الجمارك والتجارة والاستثمار.
   ولا شك في أن العلاقة بين الاقتصاد والسياسة علاقة وثيقة وتبادلية ومؤثرة في العالم كله، أما في الوطن العربي فالأمر يأخذ أبعاداً أعظم وأشمل وأشد أثراً، ولا يمكن الفصل بينهما حتى إذا أردنا أن نحقق تقدماً على الصعيد السياسي فلابد منه على الصعيد الاقتصادي،فضلاعن الصعد الأخرى ولاسيما الاجتماعية منها، وتجنب وقوع الأزمة من خلال جذب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية خاصة فى ظل تهئية البيئة والمناخ التشريعى والقضاء على التحديات والعقبات التى تواجة عملية الاستثمارات وجعل هناك مرونة اقتصادية فى التعامل والقضاء على البيروقراطية تماماً.

الكلمات الرئيسية