علم التأريخ في خدمة السياسي الفلسطيني

نوع المستند : البحوث والدِّراسات.

المؤلف

فلسطين

المستخلص

رغم أن الخرافات والأساطير هي الجوهر الايديولوجي للحركة الصهيونية، إلا أن هذه الحركة العنصرية استطاعت العمل بشكل منظم ومدروس على ترويج أكاذيبها وأهدافها ونجحت الى حد كبير في تقديمها كحقائق تاريخية وإرادة ربانية. لكن هذا النجاح ليس معجزة أو قدرات خارقة للحركة الصهيونية، وإنما هو استفادة مما أنتجته إصلاحات الكنيسة ابتداء من القرن الرابع عشر الميلادي من بيئة دينية ثقافية حاضنة للروايات التوراتية في أوروبا واميريكا وخاصة المتعلقة منها بشعب الله المختار وارتباط اليهود عرقيا بسلالة يعقوب وصولا إلى سام بن نوح (السامية)، وبالتالي وجوب عودتهم إلى فلسطن. وأيضا هو استكمالا لجهود سابقة كانت تنادي بهجرة اليهود الى فلسطين، وهو انخراط بمشاريع الدول الكبرى الرامية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط.
استطاعت الحركة الصهيونية ثم دولة الاحتلال أن تبلور رواية رسمية واحدة موحدة مكتملة رغم التناقض الواضح في النصوص التوراتية ورغم تناقض روايتها مع المعطيات التاريخية والآثارية. فيبدوا ان زعماء الحركة الصهيونية ادركوا منذ البداية أن التناقض والتردد يؤدي الى الشك والتشكيك وأن الثبات على رواية واحدة مقبولة من طرف المؤمنين بالعهد القديم وتكرارها يؤدي الى قبولها وانتشارها رغم زيفها. وبعد قيام دولة الاحتلال استمرت على نفس النهج وتكرار نفس المزاعم والأكاذيب، وهذا يُظهر جليًا أهمية الرؤية الواحدة لقيادة المؤسسة الرسمية وأهمية المواقف الموحَّدة للسياسيين والدبلوماسيين في المؤسسة الواحدة.
وهنا أتساءَل: أين نحن -قيادة ومؤسسات أكاديمية وشعب- من هذا العمل المنظم الذي انتهجته الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال؟ وفي ظل نجاح الحركة الصهيونية بترويج الأكاذيب والخرافات، ألا نستطيع نشر الحقائق العلمية وترويجها؟ وإذا كان هناك خلاف بين المؤرخين وهواة التأريخ والمأجورين الذين يتعمدون التضليل، ألا نستطيع الدفاع عن تاريخنا وعن قضيتنا العادلة من خلال الخروج بقراءة علمية واحدة موحدة مكتملة لتاريخ فلسطين ويتم اعتمادها على الأقل من طرف القيادة السياسية وكافة السياسيين والدبلوماسيين الفلسطينيين؟
نعم نستطيع ولدينا قراءة علمية لتاريخ فلسطين أجمع عليها كبار المؤرخين والآثاريين على مستوى العالم، ونستطيع تقديمها للعالم بكل ثقة وجرأة لأنها علمية محايدة وتنقض المزاعم الصهيونية وتنصف قضيتنا العادلة. ولهذا أقدم في هذه الورقة المادة التاريخية العلمية المبسَّطة اللازمة لكل سياسي ودبلوماسي فلسطيني، وهي مادة تقدم صورة مكتملة لتاريخ فلسطين، علمية الإطار والمضمون وبلغة بسيطة تناسب غير المختصين بالتاريخ والآثار، وتنقض مرتكزات الفكر الصهيوني الخرافي مثل السامية والرابط العرقي، وأيضا توضح كيف كان ظهور الديانة اليهودية في فلسطين تطورا في نظام الحكم وفي مفهوم الإله وأنه تطورًا محليًا أنتجه السكان الأصليين متعددي الأعراق وليس طارءًا دخيلا جاء من العراق (إبراهيم) ولا غزوا جاء من مصر (يوشع بن نون).
يجب أن نتصالح مع تاريخنا ونقرأه بطريقة علمية محايدة بعيدًا عن التربية الدينية والتعبأة العرقية التي تهيمن على طريقة تفكير معظمنا، عند ذلك سندرك أن كل ما شهدته فلسطين منذ العصور الحجرية الى اليوم من حضارات وأحداث هو تاريخ أجدادنا وهو موروثنا الثقافي بكل مكوناته الملموسه وغير الملموسة.

الكلمات الرئيسية